هَذِهِ قِصَّةٌ حَدَثَتْ لِفَتَاةٍ كَانَتْ تَدْرُسُ فِي إِحْدَى جَامِعَاتِ الْخَليج ،
كَانَتْ تَدْرُسُ فِي إِحْدَى التَّخَصُّصَاتِ الدِّينِيَّة .
وَكَانَ لَهَا صَوْتٌ عَذْبٌ كَانَتْ تَقْرَأُ بِهِ الْقُرْآنَ كُلَّ لَيْلَة ،
وَكَانَتْ قِرَاءَتُهَا جَمِيلَةً جِدَّاً ...
كَانَتْ أُمُّها تَذْهَبُ كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى غُرْفَتِهَا فَتَقِفُ خَلْفَ الْبَابِ ـ
كَعَادَةِ الأُمَّهَاتِ ـ تَطْمَئِنُّ عَلَى ابْنَتِهَا ؛
فَكَانَتْ تَسْمَعُ قِرَاءَةَ ابْنَتِهَا الصَّالِحَةِ بِذَلِكَ الصَّوْتِ الْجَمِيل ...
وَهَكَذَا مَرَّتِ الأَيَّامُ وَالشُّهُور
وَفِي إِحْدَى الأَيَّامِ مَرِضَتْ هَذِهِ الْبِنْتُ مَرَضَاً شَدِيدَاً ،
فَذَهَبَ بِهَا أَهْلُهَا إِلَى الْمُسْتَشْفَى ،
فَمَكَثَتْ بِهَا عِدَّةَ أَيَّامٍ ثُمَّ تَوَفَّاهَا اللهُ ﷻ
فَصُعِقَ الأَهْلُ مِن هَوْلِ الْخَبَرِ عِنْدَمَا أَبْلَغَتْهُمْ إِدَارَةُ الْمُسْتَشْفَى ،
وَكَانَ الْخَبَرُ وَقْعُهُ ثَقِيلاً عَلَى أُمِّهَا ، وَإِذَا بِيَوْمِ الْعَزَاءِ الأَوَّلِ يَمُرُّ كَالسَّنَةِ
عَلَى أُمِّهَا الَّتِي تَفَطَّرَ قَلْبُهَا بَعْدَ وَفَاةِ ابْنَتِهَا
وَبَعْدَمَا خَرَجَ آخِرُ الْمُعَزِّينَ مِنَ الأَهْلِ وَالْجِيرَان :
ذَهَبَتِ الأُمُّ إِلَى بَابِ الْغُرْفَةِ كَمَا كَانَتْ تَصْنَعُ فِي حَيَاتِهَا
وَأَوْقَفَهَا الْحَنِينُ قَلِيلاً ؛ فَإِذَا بِهَا تَسْمَعُ صَوْتَاً خَافِتَاً وَجَمِيلاَ !!!
فَتَسَمَّعَتْ أَكْثَرَ وَأَكْثَرَ فَإِذَا هُوَ يُرَتِّلُ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاَ !!!
وَكَانَ هَذَا الصَّوْتُ الضَّعِيف : يُخَالِطُهُ مَا يُشبهُ الْبُكَاءَ الْخَفِيف ،
وَلَكِنَّهَا كَانَتْ أَصْوَاتَاً وَلَيْسَ صَوْتَاً وَاحِدَاً !!!
فَفَزِعَتِ الأُمُّ وَلَمْ تَدْخُلِ الْغُرْفَة !!!
وَعِنْدَ الصَّبَاحِ أَخْبَرَتِ الأَهْلَ بِمَا سَمِعَتْهُ مِن غُرْفَةِ ابْنَتِهَا الْبَارِحَة ،
فَذَهَبَ الأَهْلُ وَدَخَلُواْ الْغُرْفَةَ فَلَمْ يَجِدُواْ فِيهَا شَيْئَا !!!
فَإِذَا بِالأُمِّ الرَّءُومِ تَذْهَبُ فِي الْيَوْمِ التَّالِي وَفِي نَفْسِ التَّوْقِيتِ
إِلَى بَابِ غُرْفَةِ ابْنَتِهَا ؛ فَإِذْ بِنَفْسِ الصَّوْتِ مَرَّةً أُخْرَى !!!
فَأَخْبَرَتْ زَوْجَهَا بِمَا سَمِعَتْهُ ؛ فَقَالَ لَهَا :
عِنْدَ الصَّبَاحِ سَنَذْهَبُ جَمِيعَاً وَنَتَأَكَّدُ مِنْ صِحَّةِ ذَلِك ؛
فَلَعَلَّكِ تَتَوَهَّمِينَ ذَلِكَ مِن هَوْلِ الصَّدْمَة !!!
وَفِعْلاً : عِنْدَمَا أَتَى الصَّبَاحُ ذَهَبَ الْجَمِيعُ وَتَأَكَّدُواْ ؛
فَلَمْ يَجِدُواْ شَيْئَاً عَلَى الإِطْلاَق !!!
وَلَكِنَّ الأُمَّ كَانَتْ مُتَأَكِّدَةً مِمَّا سَمِعَتْهُ ،
فَأَخْبَرَتْ إِحْدَى صَدِيقَاتِهَا بِمَا سَمِعَت ...
فَأَشَارَتْ عَليْها بِأَنْ تَذْهَبَ إِلَى أَحَدِ الشُّيُوخِ وَتُخْبِرُهُ بِمَا يَحْدُث ، وَفِعْلاً :
ذَهَبَتِ الأُمُّ وَأَخْبَرَتْ أَحَدَ الشُّيُوخِ بِهَذِهِ بِقِصَّةِ ابْنَتِهَا !!!
فَتَعَجَّبَ الشَّيْخُ مِن غَرَابَةِ مَا سَمِعَ وَقَال :
أُرِيدُ أَن آتِيَ إِلَى الْبَيْتِ فِي ذَلِكَ التَّوْقِيت .. ؟
وَمَا أَسْرَعَ مَا حَلَّ الْمَسَاءُ وَجَاءَ الشَّيْخ ،
فَاتَّجَهُواْ بِهِ إِلَى الْغُرْفَةِ مُبَاشَرَةً ، وَعِنْدَمَا اقْتَرَبُواْ مِنَ الْغُرْفة :
إذا بِهِمْ جَمِيعَاً يَسْتَمِعُونَ لِذَلِكَ الصَّوْت !!!
وَسَمِعَهُ الشَّيْخُ وَالأَقَارِب ؛ فَبَكَى وَبَكَواْ ،
ثُمَّ نَظَرَتْ عُيُونُهُمْ إِلَى الشَّيْخِ يَطْلُبُونَ مِنهُ تَفْسِيرَاً لِمَا سَمِعُواْ .. ؟!
وَأَخْبَرُوهُ بِمَا كَانَتْ تَفْعَلُهُ ابْنَتُهُمْ مِنْ تِلاَوَةِ الْقُرْآنِ في غُرْفَتِهَا كُلَّ لَيْلَة ؟
فَصَاحَ الشَّيْخُ وَقَال : اللهُ أَكْبَر ... هَذَا صَوْتُ بُكَاءِ الْمَلاَئِكَة !!!
إِنَّ الْمَلاَئِكَةَ عِنْدَمَا كَانَتِ ابْنَتُكُمْ تَقْرَأُ الْقُرْانَ كُلَّ لَيْلَة :
كَانُواْ يَنْزِلُونَ وَيَسْتَمِعُونَ إِلَى الذِّكْر ؛ فَهُمُ الآنَ يَفْتَقِدُونَهَا !!!
فَهَنِيئَاً لَهَا تِلْكَ الْكَرَامَة ، وَعَظَّمَ أَجْرَهَا يَوْمَ الْقِيَامَة ،
وَجَعَلَ الْقُرْآنَ لَنَا نُورَاً وَدُسْتُورَا
وَلاَ جَعَلَنَا مِمَّنِ اتَّخَذُواْ هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورَا
0 التعليقات: